مراسلات محمد بن أبي بكر (رض) ومعاوية بن أبي سفيان قبيل حرب صفين
كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية
من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر:
سلام على أهل طاعة الله، ممن هو سلم لأهل ولاية الله،
أما بعد،
فإن الله بجلاله و عظمته و سلطانه و قدرته، خلق خلقه بلا عبث منه ولا ضعف في قوته، ولا حاجة به إلى خلقهم، لكنه خلقهم عبيداً و جعل منهم غوياً و رشيداً، و شقياً و سعيداً، ثم اختار على علم فاصطفى وانتخب منهم محمدا ًصلى الله عليه وآله وسلم، فاختصه برسالته، واختاره لوحيه و ائتمنه على أمره، و بعثه رسولاً و مبشراً و نذيراً، مصدقاً لما بين يديه من الكتب، و دليلاً على الشرائع، فدعا إلى سبيل أمره بالحكمة و الموعظة الحسنة، فكان أول من أجاب و أناب و أمن و صدق و أسلم و سلم، أخوه و ابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) صدقه بالغيب المكتوم و آثره على كل حميم، و وقاه بنفسه كل هول و واساه بنفسه في كل خوف، و حارب حربه و سالم سلمه، فلم يبرح مبتذلاً لنفسه في ساعات الأزل و مقامات الروع، حتى برز سابقاً لا نظير له في جهاده، ولا مقارب له في فعله.
و قد رأيتك تساميه، و أنت أنت، وهو هو السابق المبرز في كل خير، أول الناس إسلاماً، و أصدق الناس نية، و أفضل الناس ذرية و خير الناس زوجة، و أفضل الناس ابن عم، أخوه الشاري لنفسه يوم مؤتة، و عمه سيده الشهداء يوم أحد، و أبوه الذاب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و عن حوزته، و أنت اللعين ابن اللعين، لم تزل أنت و أبوك تبغيان لدين الله الغوائل، و تجهدان في إطفاء نور الله، تجمعان على ذلك الجموع، و تبذلان فيه المال و تؤلبان عليه القبائل.
على هذا مات أبوك و على ذلك خلفته، و الشاهد عليك بذلك من تدني من بقية الأحزاب و رؤساء النفاق و الشقاق لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، و الشاهد لعلي مع فضله المبين و سابقته القديمة أنصاره الذين معه الذين ذكرهم الله تعالي في القرآن ففضلهم و أثني عليهم من المهاجرين و الأنصار فهم معه كتائب و عصائب يجالدون حوله بأسيافهم، و يهرقون دماءهم دونه، يرون الحق في اتباعه و الشقاء في خلافه.
فكيف يا لك الويل تعدل نفسك بعلي و هو وارث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و وصيه و أبو ولده، و أول الناس له اتباعاً و أقربهم به عهداً، يخبره بسره و يطلعه علي أمره، و أنت عدوه و ابن عدوه.؟!
فتمتع في دنياك ما استطعت بباطلك، و ليمددك بن العاص في غوايتك، فكأن أجلك قد انقضي، وكيدك قد وهي، و سوف يتبين لك لمن تكون العاقبة العليا!
و اعلم أنك إنما تكايد ربك الذي قد أمنت كيده، و آيست من روحه و هو لك بالمرصاد، و أنت منه في غرور. والسلام على من اتبع الهدى .
انتهت
* جمهرة رسائل العرب ج 1 ص 477 مروج الذهب للمسعودى ج 2 ص 60(أو ج3ص 21)، شرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد المعتزلى ج 1 ص 274
رد معاوية على محمد بن أبي بكر
من معاوية بن صخر إلى الرازي على أبيه محمد بن أبي بكر.
سلام على أهل طاعة الله.
أما بعد.
فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في عظمته و قدرته و سلطانه، و ما أصفى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع كلام كثير الفته و وضعته لرأيك فيه تضعيف و لأبيك فيه تعنيف.
ذكرك فيه فضل ابن أبي طالب و قديم سوابق و قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، و نصرته له و مواساته إياه في كل هول و خوف، فكان احتجاجك علي و فخرك بفضل غيرك لا بفضلك، فأحمد رباً صرف هذا الفضل عنك وجعله لغيرك.
فقد كنا و أبوك معنا في حياة نبينا نعرف حق ابن أبي طالب لازماً لنا، و فضله مبرزاً علينا، فلما اختار الله لنبيه (عليه الصلاة و السلام) ما عنده، و أتم له ما وعده، و اظهر دعوته، و أفلج حجته، و قبضه الله إليه (صلوات الله عليه)، كان أبوك و فاروقه أول من ابتزه حقه و خالفه على أمره، على ذلك اتفقا و اتسقا، ثم أنهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما و تلكأ عليهما، فهما به الهموم وأرادا به العظيم، ثم إنه بايعهما و سلم لهما، و أقاما لا يشركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرهما، حتى قبضهما الله، و انقضى أمرهما، ثم قام ثالثهما عثمان فهدى بهديهما و سار بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي فطلبتما له الغوائل حتى بلغتما فيه مناكما.
فخذ حذرك يا ابن أبي بكر، فسترى وبال أمرك، و قس شبرك بقترك تقصر عن أن توازي أو تساوي من يزن الجبال حلمه، و لا تلين على قسر قناته، ولا يدرك ذو مدي أناته.
أبوك مهد له مهاده، و بنى ملكه و شاده، فإن بك ما نحن فيه صواباً فأبوك أوله، و إن يكن جوراً فأبوك استبد به و نحن شركاؤه، فبهديه أخذنا و بفعله اقتدينا، و لولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب، و لسلمنا أليه، ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا، فاحتذينا مثاله، و اقتدينا بفعاله، فعب أباك بما بدا لك أودع، والسلام على من أناب ورجع من غوايته و تاب . **
انتهت
**جمهرة رسائل العرب ج 1 ص 475، مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 59(أو ج3 ص 22)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج 1 ص 283.
ماذا قال الطبري وابن الأثير وابن كثير ؟؟؟
الطبري ذكر سند الرسائل و حذف النص وقال :لعدم احتمال العامة لسماع ما فيهما.
تاريخ الطبري ج 3 باب تولية محمد بن أبي بكر على مصر .
ونقل عنه وفعل مثله ابن الأثير ..
أما ابن كثير فقد ذكر : وفيه غلظة
ونتساءل !!!
لماذا تحذف الرسائل مع الاعتراف بوجودها ونقلها في مصادر أخرى ويحتج بعدم احتمال العامة لسماعها؟؟
لماذا لا يحتملون أن يسمعوا الحقيقة ولماذا فيه غلظة عليهم؟؟
أسئلة تبقى عهدة الباحثين عن الحق بعيدا عن التعصب و تقليد فقهاء ومؤرخي السلاطين ..
ملاحظة : محمد بن أبي بكر هو ربيب الإمام علي بن أبي طالب(ع) كانت امه تحت جعفر بن أبي طالب ولما استشهد تزوجها أبا بكر وتوفي ومحمد عمره ست سنوات وتزوجها الإمام علي من بعد أبا بكر .
وقد ولاه الإمام علي مصر إبان توليه الخلافة.
والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين