خطبة أمير المؤمنين صلوات الله عليه في القرآن
فالقرآن آمر زاجر ، وصامت ناطق ، حجة الله على خلقه ، أخذ عليهم ميثاقه ، وارتهن عليهم أنفسهم ، أتم نوره ، وأكرم به دينه ، وقبض نبيه صلى الله عليه وآله ، وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به ، فعظموا منه سبحانه ما عظم من نفسه ، فإنه لم يخف عنكم شيئا من دينه ، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه إلا وجعل له علما باديا ، وآية محكمة تزجر عنه ، أو تدعو إليه ، فرضاه فيما بقي واحد ، وسخطه فيما بقي واحد .ومن خطبة طويلة له عليه السلام : ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه وسراجا لا يخبو توقده ، وبحرا لا يدرك قعره ، ومنهاجا لا يضل نهجه ، وشعاعا لا يظلم ضوؤه ، وفرقانا لا يخمد برهانه ، وتبيانا لا تهدم أركانه ، وشفاء لا تخشى أسقامه ، وعزا لا تهزم أنصاره ، وحقا لا تخذل أعوانه ، فهو معدن الايمان وبحبوحته وينابيع العلم وبحوره ، ورياض العدل وغدرانه وأثافي الاسلام وبنيانه وأودية الحق وغيطانه وبحر لا ينزفه المستنزفون ، وعيون لا ينضبها الماتحون ومناهل لا يغيضها الواردون ، ومنازل لا يضل نهجها المسافرون وأعلام لا يعمى عنها السائرون ، وآكام لا يجوز عنها القاصدون ، جعله الله ريا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاج لطرق الصلحاء ، ودواء ليس بعده داء ، ونورا ليس معه ظلمة ، وحبلا وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا ذروته ، وعزا لمن تولاه ، وسلما لمن دخله ، وهدى لمن أئتم به ، وعذرا لمن انتحله ، وبرهانا لمن تكلم به ، وشاهدا لمن خاصم به ، وفلجا لمن حاج به ، وحاملا لمن حمله ومطية لمن أعمله ، وآية لمن توسم ، وجنة لمن استلام ، وعلما لمن وعى وحديثا لمن روى ، وحكما لمن قضى .
نهج البلاغة الخطبة 183